برنامج التكافل الإجتماعي: فوضى واستنسابية في توزيع "الإعاشات" الجيش بـ"بوز المدفع"

لم يعنِ توكيل "الجيش" بتوزيع أموال "برنامج التكافل الإجتماعي" على العائلات اللبنانية الأكثر فقراً نهاية المحاصصة والاستنسابية، بل وُضع الجيش في واجهة تلقف اللوم على أي تقصير أو فوضى حاصلة. وفي حين تتوسع رقعة الفقراء والمعوزين بشكل يومي، تصل شكاوى بالمئات من أسر لم تنتفع من الـ400 ألف ليرة المخصصة لمساعدتها على مواجهة ظروف الإقفال العام، بل وتتهم مسؤولي أحزاب بالتدخل في شؤون "اللوائح" وتحويل المساعدات لجماعتهم بدل إعطائها للفئات الأكثر عوزاً

 

نظرياً، أقرّ توزيع المساعدات الاجتماعية على عائلات تلامذة المدارس الرسمية وذوي الإحتياجات الخاصة والسائقين العموميين (الذين تحددهم النقابة) والحائزين على بطاقات من وزارة الشؤون الإجتماعية، كما على العائلات الأشد عوزاً وعلى متطوعي الدفاع المدني والذين ملأوا استمارات في وزارتي الداخلية والشؤون، أو عبر الموقع المخصص على أن يوزع الجيش الأموال بشكل شهري. أما واقعياً، ففي محافظة الجنوب كان "الفرض والإملاء الحزبي" سيّدَي الوقف في توزيع مبلغ ضئيل كهذا، وفي بيروت فوضى وهنا لا بد من طرح السؤال: لماذا لا توجد آلية رقابية ومُحاسبتية؟
 

 

حامل بطاقة من الشؤون ولا يستفيد



فقراء "حداثا" يشكون!

المؤلم ليس فقط أن يتحوّل اللبنانيون إلى "لاجئين" في بلادهم، بل أن يكون الأكثر عوزاً وفقراً هو أقلّهم حصولاً على المساعدات المتواضعة. وبقدر ضئيل من الحذر، يشرح المُواطن حسن مصطفى فاضل، وهو ابن بلدة حداثا الجنوبية من مواليد العام 1960، أنه وفي أول كشف قام به الجيش اللبناني وبحضور شرطي من البلدية، حصل على بطاقة مطبوع عليها إشارة الجيش ذات رقم 407945 على أساس أن يُعطى مبلغ 400 ألف ليرة بشكل شهري نظراً لحالته المادية المتردية ولكونه جريحاً لا يستطيع إعالة عائلته بالشكل الطبيعي وبخاصة في هذه الظروف، كما يحمل بطاقة من وزارة الشؤون الإجتماعية أيضاً. ولكنه، حصل على مبلغ المساعدة مرتين فقط، ومن بعدها توقفت المساعدات لتوزع على أشخاص من المعروف أن حالتهم المادية ممتازة وهم مدعومون من جهات حزبية!

ويقول ابنه، محمد فاضل لـ"نداء الوطن" إنه يطالب وسائل الإعلام بالقدوم إلى البلدة "ومراجعة أسماء المستفيدين من البلدية عملاً بحق الوصول إلى المعلومات وأنا مستعد أن أجول بكم على قصورهم، الواحد تلو الآخر، وأعرّفكم على سياراتهم الفارهة، لا بل هناك من يملك تعاونية كبيرة في البلدة من آل ناصر ووكيله الذي يديرها قد حصلا على مبالغ "الإعاشة" في حين أن والدي وعمي (الذي يملك أيضاً بطاقة محتاج من وزارة الشؤون) لم يحصلا على المساعدة. وهناك أشخاص لديهم أملاك بما لا يقل عن 5 ملايين دولار استفادوا من الـ400 ألف ليرة ولا من حسيب ولا رقيب ولا مراجع. فلماذا الكيل بمكيالين حتى في البيئة الحزبية الواحدة حتى وصلت فداحة عدم التوازن في التوزيع حد رفع العديد من أبناء البلدة استنكارهم ومظلوميتهم للبلدية، من دون التوصل إلى حل!" ويختم: "الخلاصة، سارحة و"حزب الرب" راعيها".

من جهته، طالب شخص آخر من أبناء بلدة "حداثا" يُدعى موسى صبرا عبر "نداء الوطن" بمعرفة لماذا لم يحصل على المساعدة بتاتاً على الرغم من أنه يحمل بطاقة من الشؤون الإجتماعية منذ زمن؟ ويُكمل "قمنا بتعبئة استمارات للبلدية، ولم يتم حتى الكشف على بيتنا! أنا حالياً عاطل عن العمل، وفي البدء لم أرد التدقيق أو "تصغير عقلي" للمطالبة بمبلغ زهيد كوني عزيز النفس، ولكنني أشعر اليوم بالغُبن، فلماذا غيري من الميسورين وأصحاب الجاه والمال يقبضون 4 و5 مرات فقط لأنهم تابعون للأحزاب وأنا العاطل عن العمل لا أحصل على مساعدة ولو لمرة واحدة؟ ألست وعائلتي أحق منهم بهذا المبلغ؟ ومن المسؤول عن هذه الفوضى؟ وزارة الشؤون؟ أم مؤسسة الجيش؟ أم البلدية؟".

لا يتوقف الأمر على أبناء "حداثا" بل يمتد ليطال غالبية القرى الجنوبية، فيما يُصرّح المحرومون من المساعدة، أن أكثر المُستفيدين من المساعدات هم مقاتلو "حزب الله" في سوريا، إذ لهم الأفضلية الحزبية، وتضعهم البلديات التي يتحكم بها "الحزب" في أول اللوائح، بخاصة أن من بينهم من يعود جريحاً في قتال حرب لا دخل للبنان بها، ليستفيد كجريح أو مصاب ألغام أو معوّق من المساعدات الوزارية!

رئيس بلدية "حداثا" عيد منصور لم ينكر الموضوع، بل أخبر "نداء الوطن" أنه كغيره من رؤساء البلديات على علم بفحوى الشكاوى التي تصلهم. إلا أنه أكد أن البلديات غير مُلامة إطلاقاً، فمثلاً، على صعيد بلدته، أرسل لائحة بـ330 شخصاً، ووصلت من قبل الجيش أسماء المستفيدين، مثلا هذا الشهر وصلت مساعدات لـ70 شخصاً (أولياء تلامذة)، 15 من ذوي الإحتياجات الخاصة، و5 ملفات للأسر الأكثر فقراً علماً أن دائرة الفقراء تتوسع يوماً بعد يوم. كما أنه أكد أنه لا يلوم الجيش بسبب كثرة الضغط والقدر الهائل من المسؤولية التي أُلقيت على أكتافه".

كلمات مفاتيح:



//