الارتباط بين العملة السورية و اللبنانية بالتزامن مع العقوبات الأم

بات واضحًا الارتباط بين إنهيار كل من العملة اللبنانية والسورية مقابل الدولار، تزامنًا مع معاناة البلدين من العقوبات التي تفرضها أمريكا وقبل أسبوع تقريبًا من تطبيق قانون قيصر الذي يفرض عقوبات على البلاد والشركات التي تدعم الداخل السوري.

تشهد الليرة السورية انخفاضًا متواصلًا وصل لحدود 3200 ليرة مقابل الدولار  في السوق بعد ما كان السعر 900 ليرة للدولار في بداية السنة مع سعر رسمي يعادل 700 ليرة سورية, ما أدى الى تمسك المواطنين بالدولار وإلى تمنع الصرافين من بيع الدولار خوفًا من أن يصعد سعره أكثر.

بالتزامن مع انخفاض الليرة السورية انخفضت الليرة اللبنانية عند الصرافين من نحو 2100 ليرة إلى 3940 عند الصرافين حاليًا وأكثر من 7000 في السوق السودا في ظل الشح بالدولار.

هذا الترابط يؤكد عليه الخبراء لاسيما أن هذا التدهور في العملتين السورية واللبنانية بدأ بعد أزمة الليرة في لبنان بعد ثورة ١٧ تشرين حينها كانت الليرة السورية بحدود ال600 ليرة واللبنانية قريبة من 1515.

وبدوره قال الخبير الاقتصادي مروان مخايل لل lbci أن"كل شيء يهرب إلى سوريا ينقص إحتياطي لمصرف لبنان"، بالإضافة إلى "السوريين الذين يشتروا دولار من الصيرفة في لبنان لأن الدولار في سوريا غير متوفر ما يؤثر على تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية" ." وفي ظل قانون قيصر في سوريا سوف تزداد الأمور تعقيدًا".

مع العلم أن قانون" قيصر" الأميركي لا يستهدف بشكل مباشر الدولة اللبنانية إلاّ أن اقتصادها سيكون من دون شك في مرمى العقوبات نظرًا لارتباطها بالعملة السورية، ما يحتم على الدولة اللبنانية التفكير والبحث بعمق بشأن آلية التعامل مع سوريا في ظل قيصر.

كما ذكرنا سابقًا، يستهدف قانون قيصر بشكل واضح كل شركة أو مؤسسة أو دولة تتعامل مع الداخل السوري. من هنا يراودنا أسئلة كثيرة حول مصير العديد من القطاعات الاقتصادية اللبنانية والشركات الخاصة نظرًا لارتباطها مع سوريا دولة ومؤسسات. وحول طبيعة العلاقة بين الدولتين وما مصير الاتفاقيات القائمة بينهما؟ الجدير بالذكر أن القانون لا يستهدف فقط وقف التبادل التجاري بين لبنان وسوريا بل أيضًا وقف العلاقات الرسمية بين البلدين من تعاملات مالية واقتصادية وتبادل واسثمارات وإيداعات وغيرها.

 

وحسب حديث الخبير الاقتصادي توفيق كاسبار إلى "المدن"، فإن حركة التبادل التجاري كانت ضعيفة نسبيًا قبل الحرب السورية، وقد زادت تراجعًا وضعفًا أكثر فأكثر بعد العام 2011، وهي لا تمثل أكثر من نسبة 4 في المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي أو إجمالي المبادلات التجارية، ويرى كاسبار أن العلاقات الاقتصادية بين لبنان وسوريا تراجعت بشكل كبير في السنوات القليلة الماضية.

ووفق أرقام إدارة الجمارك اللبنانية، يبلغ حجم التجارة الخاصة بين لبنان وسوريا في العام 2019 نحو 92 مليون دولار للاستيراد، ونحو 190 مليون دولار للتصدير. أما لجهة التجارة العامة فيبلغ حجم الاستيراد نحو 92 مليون دولار والتصدير 229 مليون دولار. ما يعني أن مجمل نشاط التبادل التجاري بين البلدين تقارب 603 مليون دولار.

اذا ما تم الأخذ بعين الإعتبار التداعيات تطبيق هذا القانون على لبنان سوف يكون الضربة القاضية للاقتصاد اللبناني قبل السوري. يبقى السؤال هل استمرار التبادل التجاري بين لبنان وسوريا مخالف للقانون وقد يعرّض المؤسسات والتجار اللبنانيين إلى العقوبات؟ وهل يعتبر دفع الرسوم الجمركية عند الحدود السورية عند مرور البضائع اللبنانية مخالفًا لقانون قيصر؟

تشكل بعض الملفات ذات الشأن الاقتصادي اللبناني_السوري قلق للسلطات اللبنانية لاحتمال تأثرها بالعقوبات الأمريكية من عبور البضائع اللبنانية الى الخارج عبر المعابر السورية والمصارف اللبنانية العاملة في سوريا وعملية إستجرار الكهرباء من سوريا إلى لبنان. فهل يعد دفع ثمن إستجرار الكهرباء من سوريا دعمًا ماليًا؟ مع العلم أن قيمة التغذية الكهربائية من سوريا عام 2017 بلغت 80 مليون دولار ثم تراجعت إلى نحو 2 مليون دولار عام 2018.

أما بالنسبة إلى المصارف اللبنانية فقد قامت  منذ سنوات بالحجز على ودائع ضخمة تعود لرجال أعمال سوريين وذلك تماشيًا مع العقوبات السابقة التي فُرضت على سوريا.

من الصعب حاليًا معرفة تداعيات قانون قيصر على لبنان و الاستراتجية التي سوف تتعامل فيها الدولة اللبنانية حيال هذا القانون،لكن من غير المستبعد أن يكون لبنان في صلب تداعيات العقوبات اذا لم يلتزم بضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية. فالعقوبات الأميركية ستطال الأركان المالية والعسكرية للنظام والبنك المركزي السوري وكل من يتعامل معه ويدعمه.

كلمات مفاتيح:



//