‏التعصب الفكري مرض...

 

إن التعصب شكل من أشكال إنكار الله والإنسان معاً.

في المتعصب تتحول طاقات الإيمان والمحبة إلى طاقات للكراهية والاعتداء ظناًّ منه أنه يؤدي لله عبادة إذا ما اعتدى على من يختلف عنهم دينا أو عرقا أو لغة أو لونا أو تراثا!

يستخدم المتعصب الله في حين أنه يعبد نفسه متوهما أنه يعبد الله في الوقت الذي يكون بتعصبه يشوه صورة الله ويضع مشيئته هو مكان مشيئة الله.. إنه ببساطة "المتعصّب" نقمة على المجتمع.

فالإنسان عدو ما يجهل، وعالم اليوم تفرقه آفات التعصب والتمييز على اختلاف أنواعها بدلا من الإنفتاح العقلي والموضوعي بوعي واحترام..

في مناخ لبنان تتعدد المذاهب والطوائف والآراء وفي قبال ذلك نشهد دائماً ظاهرة المتعصبين ذوات النفوس التي تجلد دائماً كل من لا يعمل مثلها، لا يرتدي مثلها، لا يعتقد مثلها..

البعض يعتقد أن الدين هو سبب التعصب ولكن الدين لا يتحمل مسؤولية التعصب التي تبدّت في ممارسات احتقار وإقصاء وامتهان كرامة، الأمر إذن ليس أمرَ دين إنه أمرُ ممارسات بشرية في سياق صراع الوجود والأفكار. يستثمر البشر فيه كل ما هو قابل للإستثمار ومن ذلك الدين نفسه بأن يتم تحويله إلى أداة من أدوات الصراع..

لمن ينتظر أن تختفي هذه النماذج أقول أنه سوف يبقى الأمر كذلك مهما تقدم البشر في وعيهم، وفي معرفتهم بأنفسهم وبالعالم، لكنّ الدين نفسه لا يمكن أن يتحمل مسؤولية استثمار البشر له في أكثر ممارساتهم ظلامية.. نفعل ذلك مع الله نفسه حين نتحدث باسمه في إدارة صراعنا مع الآخر، أو حين نحاول منح العنف الذي نمارسه طابعا مقدسا وصفة المشروعية، ومهمة العارفين هي أن يحاولوا الفصل بين الدين في سمو المعاني وبين الاستغلال الرخيص له في ميادين الصراع والإنتقادات اللاقيمة لها..

فلنخرج من هذا الشعور الداخلي الذي يجعل الإنسان يرى نفسه بأنه على حق وحده وأن الآخرين على باطل لأن هذا يتنافى مع طبيعة النفس الإنسانيّة المجبولة على قبول الآخر، إذ لا يمكنك مصافحة قبضة مغلقة.. ولا يمكنك أن تناقش عقل مقفل.. ولا يمكنك أن تحاور عقلية متحجرة!

كلمات مفاتيح:



//