بعد التطوّرات الحكومية.. هل يصحّ توقّع وزير المالية بخفض سعر الصرف؟

 

لم يكد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال، غازي وزني، يعلن أن الرقم المتوقّع الذي سيصل إليه سعر صرف الدولار عبر المنصّة المقترحة من قبل مصرف لبنان، “المؤقتة والظرفية والضرورية” بحسب قوله، هو 10 آلاف ليرة لبنانية، حتّى جاءت التطوّرات الحكومية لتُعيد خلط الأوراق من جديد.

منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، كان سعر صرف الدولار الحقيقي -أي في السوق السوداء- يتماشى مع الأجواء الحكومية، فما يكاد الحريري يعلن عن زياته لقصر بعبدا حتّى ينخفض سعر الصرف، وما إن يصعد الدخان الأسود من القصر الجمهوري منذراً بفشل اللقاء، حتّى يرتفع إلى مستويات قياسية؛ وهكذا، بقي الشعب اللبناني يعيش على وقع الزيارات الـ18.

أما اليوم، وبعد إعلان شبه القطيعة بين الرئاستين الأولى والثالثة، فهل ما زال ممكناً تحقيق توقّعات وزير المالية، أم أن الأجواء السياسية السلبية في البلاد تسير في الاتجاه المعاكس؟

الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، يرى في حديث لـ”أحوال” أن التسريبات تُشير إلى أن حاكم مصرف لبنان أبلغ المعنيين أنّه لم يعد يستطيع تخفيض سعر الصرف، نظراً للتطورات السياسية والوضع القائم.

وفي السياق، يلفت عجاقة إلى أنه وبصرف النظر عن العنصر السياسي، لا يمكن للمنصة أن تنجح بخفض سعر صرف الدولار إلّا بوجود شرطين: الأول هو وقف السوق السوداء من خلال ملاحقة المضاربين والمخالفين والصيارفة غير الشرعيين، بالتعاون بين الأجهزة الأمنية والقضاء والسلطات النقدية، في حين أن الشرط الثاني يتمثّل بوقف التهريب، “خصوصًا أن نسبة 50 إلى 70% من الدولارات يتم تهريبها، سواء نقداً أو من خلال البضائع، لذا ففي حال تخفيض سعر الصرف وبقاء عمليات التهريب، ستصبح المنصة وكأنها تُستخدم لتمويل التهريب”، وفقًا لـ”عجاقة”.

ولكن، كيف أطلق وزير المالية وعده بتخفيض سعر الصرف إلى 10 آلاف ليرة لبنانية، طالما أن هذين الشرطين لم يتحقّقا؟

يوضح عجاقة في هذا الخصوص أن الأرقام التي تُقدّمها التطبيقات “غير شفافة”، ففي الأسواق المالية هناك “دفتر طلبات” يتمّ تسجيل عليه طلبات المشترين وعروض البائعين ووفق أي سعر، فيتم عندها مواجهة العرض والطلب ليتوصّلوا إلى سعر السوق، وبالتالي فالسعر النهائي مبني على العرض والطلب الحقيقي، مؤكدًا في حديثه لموقعنا أن دور المنصّة هو تقديم السعر الحقيقي، بخلاف سعر التطبيقات، “وهذا حكماً سيخفض سعر صرف الدولار”.

من هنا، يشير عجاقة إلى أن المنصّة ستقوم بنقل الطلب المؤسّساتي، أي تحوّل طلب التجار والصناعيين والمزارعين من السوق السوداء إلى المنصة، وبالتالي تساهم في إيقاف المضاربة.

بدوره، يعتبر الخبير الاقتصادي بيار الخوري، في حديث لموقعنا أن تحليل سعر صرف الدولار يجب أن يرتكز على قوة المراكز المالية التي تُشكل بديلًا للمصرف المركزي، خصوصًا أن الدولار لا تحكمه المعطيات السياسية المباشرة، إنما رغبة بعض الأطراف القوية المالية بالحفاظ على الاستقرار أو عدمه، مشيرًا إلى أن انفلات الدولار في الأسبوعين الأخيرين يُفسَّر على أنّه تعبير عن الحاجة في ذلك الوقت لتشكيل الحكومة، أي للضغط على رئيسَي الجمورية والحكومة المكلف لتأليف حكومة في أسرع وقت.

من جهة أخرى، يؤكد الخوري أن عودة الدولار إلى حدود الـ10 آلاف ليرة لبنانية، يدلّ على أن هناك إدارة سياسية لموضوع الدولار، فالسعر بين 8 و10 آلاف هو السعر المنطقي، أخذاً بعين الاعتبار الشروط الاقتصادية والنقدية في البلاد، “وحجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية لا يستوجب حدوث انهيار واسع”، خاتمًا كلامه لـ”أحوال” بالإشارة إلى أنه لو كانت العناصر الاقتصادية سيّئة، لكان سعر الصرف في السوق السوداء استمر في الصعود، وليس كما هو الحال اليوم.

كلمات مفاتيح:



//