من أحشاء القديم يولد الجديد

 

تتبدل الظروف باستمرار فيتغير وجه العالم، ويدفع إلى نشوء وظائف جديدة لهذا النسق أو ذاك. فالتحولات التاريخية الكبيرة كان لها دور انعطافي في التطور البشري والتقدم الحضاري الذي بلغ رمته في القرن الواحد والعشرين، كمرحلة انتقالية حاسمة في حياة البشرية من حيث تقريب المسافات إلى حد جعل العالم شاشة صغيرة تمتد عبر شبكة معقدة من الاتصالات. وبما أن الحياة البشرية تقوم برمّتها على الإتصال، بماذا تميزت وسائل الإتصال الحديثة التي هي وليدة التكنولوجيا؟

 

وفّرت التكنولوجيا انفتاح فكري واختلاف على مستوى التواصل وتعدد في القنوات، وظهور الإعلام الإجتماعي الذي هو عملية التفاعل التي تحصل بين الأفراد من خلال ابتكار المعلومات ونشرها وتبادلها في مجتمعات وشبكات افتراضية، لخلق منصات تفاعلية يستطيع من خلالها الأفراد والمؤسسات ابتكار، نشر، مناقشة وتبادل المحتوى.

يتميز هذا التواصل بحرية التفاعل ونشر ومناقشة المعلومات، باستخدام مزيج من الكلمات الشخصية، الصور، الفيديوهات والتسجيلات الصوتية. ومن خلال مواقع التواصل الإجتماعي يستطيع كل الأفراد خلق وتبادل المحتوى.

ومن هنا كان لابد من الاندماج بين وسائل التواصل التقليدية والإنترنت، لمواكبة التطور والملائمة بين التكنولوجيا الحديثة ووسائل الإعلام. ولكن، لكل وسيلة إعلامية أسلوبها الصحفي وقواعد لكتابة الخبر. فالنص الصحفي في الصحيفة يختلف عن الخبر في الإذاعة والتلفزيون، وكل نوع يراعي ما يتطلبه القارئ أو المستمع أو المشاهد والمتلقي.

واليوم في عصر التكنولوجيا، بات الإنترنت والمواقع والصحف الإلكترونية ذات أهميّة كبرى بالنسبة للجمهور. لذا، يجب أن تكون هذه الصحف ذات سمات ومميزات عالية لتحظى بالإهتمام وتكون عنصر جذب للمتلقي.

ففي البداية، يجب أن تتبع هذه الصحف قواعد عديدة منها اتقان فنون التحرير الصحفي كي لا تقع في فخ الأخطاء اللغوية والإملائية الشائعة والتي تُفقد الموقع أو الصحيفة الإلكترونية أهميتها. إلى جانب ذلك، يجب الإهتمام بدقة ومصداقية الخبر والمواضيع التي تنشرها كي لا تخسر ثقة الجمهور. ولا يجب أن نغفل أننا في عصر "لا أحد يقرأ" فالمعلومات من المهم أن تكون مكثفة ولكن بطريقة مختصرة كي لا يشعر المتصفح بالملل. ومن المهم جدا أن تكون هذه الصحيفة منظمة في عرضها المحتوى، ولكي تكسب عددا كبيرا من القراء والمتصفحين يجب ربط الموقع بمنصات التواصل الإجتماعي نسبة لتواجد الجمهور عليها، فبهذه الطريقة تضمن الوفرة لكافة المتلقون. وبعد الصحف الإلكترونية تمكن جمهورها من الوصول إلى الكاتب والتعليق على المواضيع فتحدث تفاعلا كبيراً. وهذا الشيء جعل من جمهور الصحيفة الإلكترونية جمهورا إيجابيا متفاعلا نسبة لسمات ومميزات اتبعتها هذه الصحف لتستقطب وتجذب أكبر عدد من المتلقين.

ربما لا يسأل الكثير من مستخدمي الإنترنت عن آلية عمل محركات البحث مثل (جوجل، وياهو، وبينج.. وغيرها)، فالزائر لا يهتم سوى بالحصول على نتيجة البحث التي يريدها، أما المحررون الصحفيون المكلفون الكتابة للإنترنت فهم <<لاعب رئيسي>> في عملية البحث، ولا يتوقف المطلوب منهم عند كتابة المادة بصياغة جيدة فقط، ولكن عليهم مسؤولية أخرى وهي <<معرفة آلية عمل محركات البحث>>، حتى يصلوا إلى الجمهور المستهدف بسهولة.

قد يقول البعض إن شبكات التواصل الإجتماعي أصبحت الآن تجلب أعداد زائرين للمواقع أضعاف محركات البحث، وهذا صحيح بالطبع ولا يمكن التشكيك فيه، ولكن المنافسة الآن باتت على أشدها بين المواقع الإلكترونية، وصار الإهتمام بالكتابة المناسبة لمحركات البحث عاملا رئيسيا في إزالة الفروق الطفيفة بين المواقع المتقاربة في الترتيب، فضلاً عن أن ضوابط محركات البحث تحفزك على تقديم المحتوى الجيد والمتميز دائماً.

إن التفاعلية في تبادل الأدوار بين المرسل والمستقبل، ومثال على ذلك (فيديو تيكتس) الذي يتيح تفاعلا واضحا بين المرسل والمستقبل، وتحديد المستفيد أي الجمهور وفئات المستخدمين، واللاتزامنية أي إمكانية تخزين المعلومات والرجوع إليها في أي وقت، وقابلية التحرك في بث المعلومات واستقبالها في أي مكان آخر، وقابلية التحويل (إمكانية تحويل النصوص من لغة إلى أخرى أو ما يسمى بنظام الترجمة الآلية)، وقابلية التوصيل، والشيوع والانتشار حول العالم وفي الطبقات الإجتماعيّة المختلفة، إضافةً إلى العالمية أو الكونية أي التواصل عالميا. كلها سمات ميزت تكنولوجيا الإتصال الحديثة.

وفي قبال ذلك، نقول أن التكنولوجيا ليست ضارة إنما الضرر بالمحتوى التكنولوجي عندما يتم توظيفه سلبيا، كما حدث عندما احتكرت بعض الأنظمة وسائل الإعلام وقلبت المشهد الإعلامي من العمودي إلى الأفقي الجارف وساهم ذلك في استخدامه بالحروب تحت مسمى الذكاء الإصطناعي في الحروب.

وأخيراً، في ظل التطورات الراهنة لوسائل الإتصال الحديثة وجغرافية التحولات التي يعيشها المشهد الإعلامي في الزمن الميدياتيكي، كيف استطاعت وسائل الإعلام التقليدية أن تحافظ على نفسها من خلال التكنولوجيا؟!

كلمات مفاتيح:

التكنولوجيا
وسائل التواصل الاجتماعي
Google
Yahoo!
YouTube
Bing



//